حوار أحادي في بعبدا بين فريق العهد… وجعجع يقاطع لقاء “ذرّ الرماد”

لم يستمع العهد إلى النصائح التي وجّهت إليه بتأجيل “اللقاء الوطني” الذي دعا إليه في قصر بعبدا خصوصاً نصيحة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وعليه فسيكون لقاء بعبدا مبتوراً وسيكون الحوار فيه أشبه بحوار أحادي “مونولوج” بين فريق محور الممانعة.

وباستثناء الرئيس السابق ميشال سليمان ورئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط الذي سيمثّل والده وليد جنبلاط الذي اعتذر عن المشاركة إرضاء لحليفه الرئيس سعد الحريري ولم يقاطع تماماً إرضاء لصديقه الرئيس نبيه بري، فإن كل المشاركين هم من فريق 8 آذار. وعلمت “القدس العربي” أن “الرئيس سليمان سيحاول الاقتداء برئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي فاجأ المتحاورين في بعبدا بحضوره قبل فترة وباعتلاء منبر الرئاسة للإدلاء بموقفه، وسيحاول التعويض عن مشاركته برفع سقف موقفه السياسي، سائلاً عن مصير “إعلان بعبدا” وعن علاقات لبنان بمحيطه العربي وعن بسط سلطة الدولة اللبنانية على أراضيها وتطبيق القرارات الشرعية.

وكان جعجع، الذي راهن القصر على حضوره مثل المرة الفائتة في مقابل غياب رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية ورئيس الكتائب سامي الجميّل، صوّب بقوة على لقاء بعبدا، واصفاً إياه بأنه “ذرّ للرماد في العيون”.

في المقابل، أصرّ عون وفريقه على ترجمة مقولة “العهد القوي” بالإصرار على عقد اللقاء بمن حضر وتحميل المسؤولية لمن يتغيّب عن تلبية الدعوة التي تهدف إلى بحث التطورات الأمنية التي حصلت قبل أسبوعين في بيروت وطرابلس ولامست الممارسات التي سجّلت خلالها التعرض للوحدة الوطنية والسلامة العامة والسلم الأهلي.

وقد ردّ جعجع على هذا الأمر متّهماً ضمناً رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بأنه هو من يثير الفتنة ومعه حزب الله وقال: “المجموعة الحاكمة هي التي تهدّد الاستقرار والسلم الأهلي وهي التي تسبّبت بالإشكالات”، متسائلاً: “من عاد إلى عام 1860 ومن ذهب إلى طرابلس لتقليب الناس على فئة من المسيحيين؟ ومن دخل إلى عين الرمانة على الدراجات النارية منذ أسابيع؟ إنهم حلفاء العهد مباشرةً فلماذا دعوتنا إلى اجتماع بعبدا؟”.

وأضاف جعجع: “توقفنا طويلاً لنعرف ما هدف الاجتماع ولم نستطع المعرفة، فالوضع في البلد في مكان والمسؤولون في مكان آخر تماماً، كل ما يهمّ الشعب هو لقمة العيش التي لا يمكنه الحصول عليها، ماذا بقي من لبنان الذي نعرفه؟”. ورأى أن “الشعب يعيش أزمة غير مسبوقة ولا قعر لها، والأسوأ من الأزمة هو أنّ التدهور مستمرّ يوماً بعد يوم وهذه من الأمور التي جعلتنا نثور على الوضع”، متوجّهاً للرئيس عون بالقول: “لتجتمع الحكومة لاتخاذ أول قرار إصلاحي والبلد بحاجة إلى قرارات وليس إلى “حكي واستعراضات”… قرار إصلاحيّ واحد يحسّن وضع الليرة”. وأضاف: “أقرّ مجلس النواب آليّة التعيينات فاستبقوا صدور القرار في الجريدة الرسمية وقاموا بمجموعة تعيينات من دون آلية”.

واعتبر أن “المشكلة ليست في الحكومة بل في المجموعة الحاكمة التي تملي عليها ما تفعله ومَن يتحمّل مسؤولية الفتنة هو مَن أوصل البلد إليها وكل مَن هو في موقع المسؤولية و”حرّين نروح على الاجتماع اللي بدنا ياه وفينا ما نروح” فنحن في موقع المعارضة”. وعن كيفية حل الأزمة قال: “خلّلين يفلّوا واتركوا الباقي علينا”.

وعشية لقاء بعبدا، دعا الرئيس بري الحكومة ومصرف لبنان وجمعية المصارف إلى “إعلان حالة طوارئ مالية وإعادة النظر بكل الإجراءات التي اتخذت لحماية العملة الوطنية”، وقال في اجتماع لكوادر “حركة أمل”: “يخطئ أي مسؤول لبناني الظن، إذا ما اعتقد أن صندوق النقد أو أي دولة أو جهة مانحة، يمكن لها أن تقدّم لنا المساعدة بقرش واحد إذا لم ننفّذ الإصلاحات. وبصراحة إن العالم والمجتمع الدولي يعتبر أن لبنان “سلة بلا قعر”، وقبل إقفال هذا “القعر” لن تكون هناك مساعدات”. وأضاف: “لقد بحّ صوتنا ونجدد اليوم الدعوة وقبل فوات الأوان إلى الإسراع في المعالجة الفورية لقطاع الكهرباء ووقف النزيف القاتل الذي يسبّبه في المالية العامة والإسراع في إقرار قانون استقلالية القضاء وإجراء المناقصات العمومية بطريقة شفافة وذات صدقية، فالقوانين وجدت لتطبق”.

وفي العناوين المعيشية والمالية والاقتصادية، قال بري: “انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار الأمريكي على نحو مشبوه ومنسّق بات يفرض على الحكومة وعلى المصرف المركزي وعلى جمعية المصارف إعلان حالة طوارئ مالية وإعادة النظر بكل الإجراءات التي اتخذت لحماية العملة الوطنية، فمن غير المقبول بعد الآن جعل اللبنانيين رهائن للأسواق السوداء في العملة والغذاء والدواء والمحروقات”، مؤكداً أن “لا مالية الدولة ولا لقمة عيش اللبنانيين يجوز أن يتحوّلا في هذه اللحظة الراهنة إلى حقل تجارب لنظريات بعض المستشارين لا في الداخل ولا في الخارج”.

وعن الضغوط التي يتعرّض لها لبنان على خلفية ما يجري من وقائع في المنطقة لا سيما صفقة القرن وقانون قيصر الذي يستهدف سوريا، قال: “في مثل هذه الأيام من عام 1982 كان لبنان وبيروت يقاومان اجتياحاً إسرائيلياً، قاوما ولم يرفعا الراية البيضاء، انتصرا لنا جميعاً وانتصر اللبنانيون بهما ولهما، واليوم لا أخفي قلقي بأننا نعيش ظرفاً مشابهاً لذلك الظرف يراد منه إسقاط لبنان وإخضاعه واجتياحه بأسلحة مختلفة ربما تكون ناعمة الملمس لكن في طيّاتها تخفي الموت الزؤام”.

وعن قانون قيصر والوضع في المنطقه، قال بري: “لقد أطلّ علينا “القيصر” بقانون يطال سوريا بهدف إسقاطها وتضييق الخناق عليها اقتصادياً ومالياً وعدم تمكينها من استعادة وحدتها ودورها المحوري في المنطقة، وهو بكل تفاصيله قانون يطال الطوق الجغرافي المحيط بسوريا وتحديداً لبنان والأردن والعراق، فلبنان المترنّح تحت وطأة أزمات اقتصادية ومالية ومعيشية وانقسام معقد ربما يراد له أن يكون حجر الدومينو الثاني الذي يسقط بهذا القانون. وإن موقفنا المبدئي في حركة “أمل” حيال هذا القانون هو موقف الحليف الوفي لمن وقف إلى جانب لبنان ومقاومته يوم عزّ الوقوف”.

بيروت- “القدس العربي”: